علي ياحي- الجزائر العاصمة
تعيش الجزائر وضعا سياسيا وأمنيا غير مستقر على عكس السنوات الماضية، وذلك بسبب اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 افريل 2019، والوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي تدفعه أطراف الى الترشح لعهدة خامسة مقابل رفض جهات قوية في هرم السلطة، بالاضافة الى الحراك الحاصل داخل أقوى مؤسسة في البلاد وهي المؤسسة العسكرية التي تشهد تغييرات استغرب لها الجميع، قيل أنها تندرج في اطار تحييد الأطراف العسكرية الرافضة لاستمرار بوتفليقة ومخافة من انقلاب عسكري قيل أنه يتم التحضير له في حال اعلان بوتفليقة الترشح للخامسة، وأخيرا الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد منذ تدهور أسعار البترول الذي تعتمد عليه الجزائر بنسبة 95 بالمائة.
يضبط الداخل الجزائري والخارج بوصلته تحسبا للانتخابات الرئاسية المقبلة، ولا أحد يعلم إن كان بوتفليقة سيترشح لعهدة خامسة، أم يعلن إنسحابه من المشهد العام، وازداد الوضع غموضا بعد الدعوة الى تأجيل الانتخابات، في سابقة هي الأولى من نوعها، غير أن التغييرات التي أجراها الرئيس بوتفليقة داخل المؤسسة العسكرية و الأمنية فتح المجال للحديث عن سيناريوهات يحضرها النظام، في طرح يكشف عن صراع ديناصورات السلطة.
في خضم هذا الوضع، سارع زعماء قادة التحالف، أحمد أويحيى، معاذ بوشارب، عمار غول وعمارة بن يونس، دعمهم لاستمرار الرئيس بوتفليقة، عبر عقد ندوة "اجماع وطني" في 10 يناير 2019، أي قبل 4 ايام من استدعاء الهيئة الناخبة، غير أن رئيس الحكومة والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، ترشحه جهات نافذة في السلطة و المؤسسة العسكرية لكرسي الرئاسة، حيث كشف رئيس البرلمان الجزائري السابق، عبد العزيز زياري، أن أويحيى يملك جميع المؤهلات لخلافة بوتفليقة، خاصة أن أويحيى محسوب على رئيس جهاز المخابرات الجزائرية سابقا الرجل القوي الجنرال محمد مدين المدعوتوفيق، وقال زياري"لم أقل ذلك صدفة، ولكن أنظر إلى ما يحدث".
وحسب ما يدور من حديث في أعلى هرم السلطة، فان السعيد بوتفليقة، شقيق رئيس الجمهورية، الذي يناور من أجل الحصول على تزكية لخلافة شقيقه، بادر الى تعبئة الطبقة السياسية عبر أحزاب التحالف ومن ثم أحزاب المعارضة والنقابات العمالية والنقابات المستقلة ورؤساء حكومات سابقون وشخصيات وطنية، من أجل توفير المناخ الذي يسمح للرئيس بوتفليقة بتنظيم انتخابات رئاسية هادئة يستمر فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أو يترشح شقيقه السعيد أو تعيين خليفة مقرب من مجموعة الرئيس يضمن مصالح كل الأطراف التي استفادت من مرحلة بوتفليقة، خصوصا الجهات المالية التي أصبحت عنصرا فاعلا في صناعة القرار في الجزائر وتعيين الرئيس، غير أن المعارضة عبر الاخوان المسلمين أي حزب حركة مجتمع السلم، ترفض ترشح السعيد بوتفليقة أو إستمرار شقيقة عبد العزيز لولاية خامسة، وتطالب بمؤتمر توافق وطني وتأجيل الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة وفاق وأجندة إصلاحات سياسية، وهي نظرة جهات في المؤسسة العسكرية، على اعتبار أن إخوان الجزائر ينشطون وفق برنامج جهاز الاستخبارات السابق.
الأكيد أن مؤسسة الرئاسة تعيش على وقع صراع حاد، بين شقيق الرئيس، السعيد بوتفليقة، ومستشاريه الطيب بلعيز، وبن عمر زرهوني، ووزير العدل الطيب لوح، من جهة، و رئيس الحكومة، أحمد أويحيى، من جهة أخرى، المدعم من الأطراف المالية، والطامح إلى الرئاسة، مستفيدا من علاقاته الدولية التي نسجها خلال الفترة السابقة، وهي الطموحات التي يعمل الفريق الرئاسي على صدها عبر إستدعاء الأمين العام السابق للحزب الحاكم، جبهة التحرير الوطني، ورئيس الحكومة السابق، عبد العزيز بلخادم، للعودة إلى الساحة السياسية، على اعتبار انه خصم عنيد لأويحيى، دون إغفال دور قائد اركان الجيش نائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد صالح، المقرب من المجموعة الرئاسية، والمناوئ لمدير جهازالاستخبارات السابق الجنرال توفيق.
بالمقابل، يحاول الاخوان التموقع واخذ نصيب مما سيحدث، وهي السمة التي باتت لصيقة بهذا التيار عبر مختلف الدول العربية، اين يشتهي الاخوان المسلمين السباحة في المياه العكرة، وهو ما يحصل في الجزائر بعد عقد لقاءات بين قيادة حزب حركة مجتمع السلم الاخواني، وشخصيات فاعلة في السلطة والرئاسة واهمهم السعيد بوتفليقة، شقيق ومستشار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لمناقشة المأزق السياسي الراهن في البلاد.
مسارعة الاخوان الى التواصل مع الرجل القوي في السلطة السعيد بوتفليقة، مرده البحث عن موقع في ظل ما يحصل، خاصة مع طموح رئيس الحكومة احمد اويحيى، في الجلوس على كرسي الرئاسة، فالاخوان يحاولون اللعب على اوتار الخلافات، تارة مع السعيد وأخرى مع أحمد، فهم يناورون وينسجون الصفقات من اجل الحصول على مناصب، على اعتبار ان وعائهم الانتخابي كبير وقد يحدثون الفارق في حال دعمهم مرشح مقابل اخر.
ان ما يحدث في الجزائر بسبب خلافة بوتفليقة قد يدفع نحو خيار المغامرة بالبلد والدخول في توترات لا نهاية لها، خاصة بعد محاولات جهات في السلطة فرض العهدة الخامسة لقطع الطريق امام الرافضين، سواء بواسطة انتخابات صورية تغرق البلد في أزمتها، أو بدون انتخابات، أو حتى الخروج كلية عن الشرعية.
اضف تعليق